(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
147845 مشاهدة
المستحاضة


إلا إن أطبق الدم على المرأة، أو صار لا ينقطع عنها إلا يسيرا، فإنها تصير مستحاضة.
فإن لم يكن لها عادة، فإلى تمييزها.
فإن لم يكن لها تمييز، فإلى عادة النساء الغالبة: ستة أيام أو سبعة. والله أعلم.


فقد أمرها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تجلس عادتها.
قوله: (إلا إن أطبق الدم على المرأة، أو صار لا ينقطع عنها إلا يسيرا، فإنها تصير مستحاضة):
تكون المرأة مستحاضة إذا أطبق الدم عليها أي: إذا استمر عليها، كما في حديث فاطمة بنت أبي حبيش قالت: يا رسول الله، إني امرأه أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ قال: لا إنما ذلك عرق أي: هذا الدم الذي تجدين كثيرا دم عرق يسمى بالعاذل، فإذا أطبق عليها أو كان لا يتوقف إلا يسيرا، كأن يتوقف ساعة أو نصف يوم ثم يعود ويستمر الشهر كله، فمثل هذه تعتبر مستحاضة.
وفي الحديث أن حمنة بنت جحش استحيضت سبع سنين لا ينقطع عنها الدم إلا قليلا حتى قال لها النبي -صلى الله عليه وسلم- أنعت لك الكرسف تتلجمين به قالت: إنه أكثر من ذلك، حتى قالت: إني أثج ثجا، من كثرة ما يخرج منها، فدل على أنه يطبق على بعض النساء ويكثر فتصير مستحاضة.
قوله: (فقد أمرها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تجلس عادتها... إلخ):
المستحاضة لها ثلاث حالات :
الأولى: إما أن تكون معتادة: فتجلس عادتها من كل شهر.

والمعتادة هي التي مضى عليها عشر سنين أو عشرون سنة وهي تحيض في الشهر من أوله أسبوعا أو نحوه، فمثل هذه إذا أطبق عليها الدم بعد ذلك جلست عادتها الأسبوع الأول من الشهر مثلا، أو الأسبوع الوسط، أو الأخير، وبقية الشهر تصلي وتصوم، وهذه تسمى المعتادة.
الثانية: قد لا تكون معتادة، فمن النساء من يأتيها الحيض هذا الشهر في أوله، والشهر الثاني في وسطه، والشهر الثالث في آخره، تارة يكون حيضها خمسة أيام ثم تطهر، وتارة يكون ستة، وتارة يكون سبعة، فمثل هذه لا تكون معتادة فترجع للتمييز إذا كانت مميزة، ففي حديث فاطمة أنه قال: إن دم الحيض أسود يعرف .
فإذا كان الدم أسود تعرفه النساء، فإنه دم الحيض، وإذا كان أحمر رقيق، فإنه الاستحاضة، فتجلس أيام الأسود الغليظ، وتصلي أيام الأحمر الرقيق أو الصفرة أو الكدرة أو نحوها، هذه تسمى مميزة، فهي تجلس وقت التمييز، ثم بقية وقت الدم تصلي فيه وتصوم.
الثالثة: التي لا عادة لها ولا تمييز، عادتها تتقدم وتتأخر، والدم مطبق عليها، ولا تميز دم الحيض من الاستحاضة، فهذه تسمى (المتحيرة) عليها أن تجلس عادة نسائها كأمها أو أختها أو عمتها أو خالتها، أو تجلس غالب الحيض من كل شهر، فأغلب النساء يحضن ستة أو سبعة أيام، فتجلس من كل شهر هذا المقدار حتى ولو كان عليها بعد ذلك الدم الكثير.
فإذا أرادت أن تصلي فإنها تتلجم وتتحفظ بعدما تغسل فرجها تتوضأ ثم تصلي ولو تقاطر منها الدم على الحصير، كما ورد عن بعض نساء الصحابة التي ربما تقاطر منهن الدم على الحصير أو على السجادة، فدل على أنه يباح لها أن تصلي ولو كان معها دم، وكذلك أيضا تحرص على أن تتحفظ في الصلاة.
والواجب عليها الوضوء لكل صلاة، فإذا كان يخرج منها بين الصلاتين فلا بد من الوضوء لكل صلاة، أما إذا توضأت للظهر ولم يخرج منها شيء حتى دخل وقت العصر صلت العصر بوضوء الظهر إذا كانت على طهر.
* أما النفاس فورد تحديده أنه أربعون يوما، ولكن الصحيح أنه أيضا قد يزيد في بعض النساء فقد تصل إلى شهرين، وإن كان ذلك نادرا، وقد ينقطع نفاس بعضهن بنصف شهر أو في أسبوع، فإذا انقطع فإنها تغتسل وتصلي.
* أما وطؤها : فتقدم أنه لا يجوز وطء الحائض أما المستحاضة فالصحيح أنه يباح وطؤها؛ لأنه لما أبيحت لها الصلاة والصيام وقراءة القرآن أبيح الوطء كغيره.
وبهذا فكون قد انتهينا من شرطين من شروط الصلاة، وهما: الطهارة، وإزالة النجاسة.